إرث يُصان للأجيال القادمة

إرث يُصان للأجيال القادمة

في وادي دوكة، يلتقي الماضي بالحاضر ليرسم ملامح المستقبل، حيث لا تُقاس قيمة التغيير الإيجابي بالأفكار وحدها، بل تتجسد في التزام مستمر يُترجم إلى خطوات مدروسة تعزز مكانة هذا الموقع المدرج ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو .ومن وحي طبيعته وإرثه العريق، نستمد رؤيتنا لمواصلة مسيرتنا نحو الاستدامة، ليبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة.

تُبنى رؤيتنا على ثلاثة ركائز أساسية:

حماية ثراء الطبيعة

تتطلب العناية بوادي دوكة نهجًا علميًا متكاملًا يحافظ على تنوعه الأحيائي ويطور بيئته من خلال جهود ملموسة وذات أثر واضح. لهذا، نتابع عن كثب صحة الأشجار ونسعى لمواجهة التحديات التي قد تؤثر على نموها، من التغيرات المناخية والأمراض إلى تفشي الحشرات والطفيليات، لضمان ازدهارها على المدى البعيد. كما ندرس خصائصها الوراثية لفهم تكيفها مع محيطها، ونرصد علاقتها بالحياة البرية، مع اعتماد أساليب دقيقة لإدارة الموارد المائية.

ارتباط يتجدد مع الزمن

لطالما كان وادي دوكة جزءًا من نسيج مجتمعه، حيث تتجلى الحرفة في تفاصيل الحياة اليومية، وتحفظها الأيدي التي ورثتها وأتقنتها جيلاً بعد جيل. نحرص على ترسيخ هذه العلاقة وتعزيزها، مستعينين بخبرات عُمانية أصيلة، ينعكس أثرها في دقة العمل وجودته. ومع تطور هذا الموقع العريق، نبقى ملتزمين بتوفير فرص جديدة تدعم استدامة هذه الروابط وتسهم في نمو المجتمع المحلي.

اللبان: صلة بين الماضي والمستقبل

منذ العصور القديمة، كان حصاد اللبان أكثر من مجرد حرفة؛ إنه انعكاس لعلاقة الإنسان مع الطبيعة، حيث يلتقي الصبر بالحكمة، وتتوارث الأجيال تقاليد تحمل في طياتها حسّ المسؤولية. في وادي دوكة، نحرص على استدامة هذا الإرث عبر تبني أساليب متطورة تستند على الخبرة. ولتحقيق ذلك، يتلقى الحاصدون لدينا تدريبًا يعزز مهاراتهم في استخراج اللبان وفق منهجية دقيقة تحافظ على الأشجار وتضمن استمرارية عطائها.

اللجنة الاستشارية العلمية لوادي دوكة

تعد اللجنة الاستشارية العلمية لوادي دوكة منصة تجمع بين نخبة من الخبراء العُمانيين والمتخصصين الدوليين، بغرض استكشاف التنوع الأحيائي للوادي والتعمق في فهم بيئته. كما تحرص اللجنة على أن تستند كل خطوة إلى أسس علمية دقيقة، بما يضمن استدامة هذا الإرث الطبيعي الفريد. وتتألف هذه اللجنة من:

سعاد الحارثية، المديرة التنفيذية لجمعية البيئة العُمانية:

"حظي اللبان بمكانة مرموقة عبر الزمان، ولا يزال حتى اليوم رمزًا للتراث والثقافة، فضلاً عن استخداماته الواسعة في الطب وصناعة العطور والعناية بالبشرة. وانطلاقًا من حرصها على الاستخدام المسؤول لهذا المورد الطبيعي، بذلت جمعية البيئة العُمانية جهودًا حثيثة لضمان استدامته وحمايته للأجيال القادمة. ويعكس تأسيس اللجنة التزام أمواج بترسيخ الاستدامة في جوهر أعمالها، مسهمةً بفعالية في صون هذا الموقع المدرج ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو."

الدكتور خالد الفارسي، رئيس قسم البستنة

"يحمل وادي دوكة، أحد المواقع المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، إرثًا طبيعيًا فريدًا باعتباره موطنًا لأشجار اللبان (بوسويليا ساكرا)، والتي ارتبطت بالهوية العُمانية على مر العصور. وتزدهر في هذا الوادي مئات الأشجار التي نمت طبيعيًا عبر الأعوام، مما يؤكد الحاجة إلى اتباع نهج مستدام يضمن استمرار زراعتها وإنتاجها. واستنادًا إلى هذه الرؤية، تسعى اللجنة إلى تقديم إرشادات علمية تُعزز من البيئة الطبيعية للموقع، إلى جانب تطوير أساليب زراعة اللبان وترسيخ دور المجتمع في الحفاظ عليه."

الدكتورة ليلى الحارثية، رئيسة مركز التنوع النباتي وصون الطبيعة

"يجسد وادي دوكة رحلة اللبان التي امتدت عبر العصور، متجاوزًا كونه إرثًا طبيعيًا ليحمل بين طياته تاريخًا من الصمود والتجدد. وكعضو في اللجنة الاستشارية العلمية، أعتز بالمساهمة في صون هذا الموقع المدرج ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، حيث تتضافر المساعي للحفاظ على بيئته الطبيعية وتعزيز استدامته. كما نكرس جهودنا ليبقى هذا المكان امتدادًا حيًا لعلاقة الإنسان المتجذرة بالأرض، ونسعى إلى أن يكون لهذا الموقع صدى عالمي، يعكس قيمته ويؤكد التزامنا بحمايته."

توماس أندرو، نائب رئيس قسم التوريد المسؤول في شركة دي إس إم فيرمنيش:

"أؤمن بأن الاستدامة ليست مجرد التزام، بل مسؤولية مشتركة تتطلب رؤية متكاملة وعملاً متواصلاً. ولهذا يشرفني الانضمام إلى اللجنة الاستشارية العلمية لوادي دوكة، حيث أسعى إلى توظيف خبراتي في تبني ممارسات واعية ونهج مسؤول في التوريد لدعم جهود الحفاظ على هذا الموقع، المدرج ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، وتحويله إلى نموذج يُحتذى به عالميًا في إنتاج اللبان بشكل مستدام. إن وادي دوكة لا يعكس ثراء الطبيعة فحسب، بل يعبر عن صلة متجذرة بين الإنسان وبيئته، تلك العلاقة التي نواصل العمل على حمايتها لتدوم للأجيال القادمة."